قد يكون حديثنــا عن عشق الريشـة للورق هل نتحدث ها هنا عن عشق ناجي العلي لحنظــلة أم هـل نتحــدث عن عشـق حنظــلة للحريــة وفكـ القيـد لربمــا كان عشقا لفلسطين .. وللوطن العربي
لم يعــد يهمنا كثيــرا مَن عشــق مَن ,
فكلنــا بتنـا نعلـم انـــه عشــق جميـل ... فني .. سياسي .. وطنــي اختلط فيه الحــزن والفــرح .. الشفقـة والكره .. الغضب والأستنكــار مشكــلاَ كتلة من المقاومــة التي لا يستهــان بهــا
لعل معظمنــا رأى حنظــلة يزين كاريكاتيرات ناجي العلي انا رأيتــه قبلا وأحببتــه .. ولكنني أحببتـــه أكثر عندما عرفت من هو وفيــما يفكــر .. والآم يدعــو
لا يمثــل حنظــلة ناجــي العلــي وحــده .. بل إنــه يمثل الآم الشــعب نبضـــات قلــب ... دمعـــة مظــلوم ... وجبروت ظالــم يمثل المعانــاة ... الهيمنــة .. الضعف ... والقــوة كـــان سلاحــا لا يستهــان بــه .. رأي لا يصمــت . ...
التقيت بالصدفة بالرسام ناجي .... كاره فنه لانه مش عارف يرسم .. وشرحلي السبب .. وكيف كل ما رسم عن بلد .. السفارة بتحتج ..الارشاد والانباء ( الرقابة) بتنذر ..
قلي الناس كلها اوادم .. صاروا ملايكة .. وآل ما في أحسن من هيك .. وبهالحالة .. بدي ارسم بدي اعيش .. وناوي يشوف شغلة غير هالشغلة ..
قلتله انت شخص جبان وبتهرب من المعركة .. وقسيت عليه بالكلام ، وبعدما طيبت خاطرو .. وعرفتو على نفسي واني انسان عربي واعي بعرف كل اللغات وبحكي كل اللهجات معاشر كل الناس المليح والعاطل والادمي والازعر .. كل الانواع .. اللي بيشتغلوا مزبوط واللي هيك وهيك .. وقلتله اني مستعد ارسم عنه الكاريكاتير . كل يوم وفهمته اني ما بخاف من حدا غير من الله واللي بدوا يزعل يروح يبلط البحر .. وقلتلو عن اللي بيفكروا بالكنديشن والسيارة وشو يطبخوا اكتر من مابفكروا بفلسطين ..
وياعزيزي القارئ .. انا اسف لاني طولت عليك .. وما تظن اني قلتلك هالشي عشان اعبي هالمساحة .. واني بالاصالة عن نفسي وبالنيابة عن صديقي الرسام اشكرك على طول .. وبس ..
في 30 أغسطس من كل عام تمر ذكرى فنان فلسطيني عربي عبقري هو ناجي العلي ، الذي اغتالته اسرائيل عام 1987 في لندن ، فرحل عن عالمنا وقد تجاوز الخمسين عاما بقليل . وليس سر الحب والولاء الذي نشعر به نحو الفنان الكبير أنه مات على أرض المعركة فحسب ، ولكن لأن القيمة التي ذهبت كانت عظيمة جدا فنيا وثقافيا ووطنيا وإنسانيا .
من هو ناجى العلي ؟ طور الصبا اسمي ناجي العلي.. ولدت حيث ولد المسيح ، بين طبرية والناصرة ، في قرية الشجرة بالجليل الشمالي، أخرجوني من هناك بعد 10 سنوات ، في 1948 إلى مخيم عين الحلوة في لبنان .. أذكر هذه السنوات العشر أكثر مما أذكره من بقية عمري، أعرف العشب والحجر والظل والنور ، لا تزال ثابتة في محجر العين كأنها حفرت حفراً .. لم يخرجها كل ما رأيته بعد ذلك .
لماذا يرسم؟ .. أرسم .. لا أكتب أحجبة ، لا أحرق البخور ، ولكنني أرسم ، وإذا قيل أن ريشتي مبضع جراح ، أكون حققت ما حلمت طويلاً بتحقيقه.. كما أنني لست مهرجاً ، ولست شاعر قبيلة – أي قبيلة – إنني أطرد عن قلبي مهمة لا تلبث دائماً أن تعود .. ثقيلة .. ولكنها تكفي لتمنحني مبرراً لأن أحيا .
سبب الاغتيال بلندن؟ متهم بالانحياز ، وهي تهمة لا أنفيها .. أنا لست محايداً ، أنا منحاز لمن هم "تحت" .. الذين يرزحون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليلات وصخور القهر والنهب وأحجار السجون والمعتقلات، أنا منحاز لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى ، ولمن يخرجون من حواري الخرطوم ليمزقوا بأيديهم سلاسلهم ، ولمن يقضون لياليهم في لبنان شحذاً للسلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح القادم من مخبئها .. ولمن يقرأون كتاب الوطن في المخيمات. ,,, كنت صبياً حين وصلنا زائغي الأعين ، حفاة الأقدام ، إلى عين الحلوة .. كنت صبياً وسمعت الكبار يتحدثون .. الدول العربية .. الإنكليز .. المؤامرة .. كما سمعت في ليالي المخيم المظلمة شهقات بكاء مكتوم .. ورأيت من دنت لحظته يموت وهو ينطلق إلى الأفق في اتجاه الوطن المسروق ، التقط الحزن بعيون أهلي ، وشعرت برغبة جارفة في أن أرسمه خطوطاً عميقة على جدارن المخيم .. حيثما وجدته مساحة شاغرة .. حفراً أو بالطباشير..
وظللت أرسم على جدران المخيم ما بقي عالقاً بذاكرتي عن الوطن ، وما كنت أراه محبوساً في العيون، ثم انتقلت رسوماتي إلى جدران سجون ثكنات الجيش اللبناني ، حيث كنت أقضي في ضيافتها فترات دورية إجبارية .. ثم إلى الأوراق .. إلى أن جاء غسان كنفاني ذات يوم إلى المخيم وشاهد رسوماً لي، فأخذها ونشرها في مجلة " الحرية"وجاء أصدقائي بعد ذلك حاملين نسخاً من " الحرية " وفيها رسوماتي ... شجعني هذا كثيراً. ،،
حين كنت صبياً في عين الحلوة ، انتظمت في فصل دراسي كان مدرسي فيه أبو ماهر اليماني ..وعلمنا أبو ماهر أن نرفع علم فلسطين وأن نحييه ، وحدثنا عن أصدقائنا وأعدائنا .. وقال لي حين لاحظ شغفي بالرسم " ارسم .. لكن دائماً عن الوطن " .. ،،وتوجهت بعد ذلك إلى دراسة الفن أكاديمياً ، فالتحقت بالإكاديمية اللبنانية لمدة سنة ، أذكر أني لم أحاول خلالها إلا شهراً أو نحو ذلك ، والباقي قضيته كما هو العادة في ضيافة سجون الثكنات اللبنانية .. كانوا يقبضون علينا بأية تهمة ، وبهدف واحد دائماً: هو أن نخاف ، وكانوا يفرجون عنا حين يملون من وجودنا في السجن ، أو حين يتوسط لديهم واحد من الأهل أو الأصدقاء. ،، ولآن الأمور كانت على ما كانت عليه ، فقد فكرت في أن أدرس الرسم في القاهرة ، أو في روما ، وكان هذا يستلزم بعض المال ، فقررت أن اسافر إلى الكويت لأعنل بعض الوقت .. وأقتصد بعض المال .. ثم اذهب بعدها لدراسة الرسم .. ،، ووصلت بالفعل إلى الكويت عام 1963، وعملت في مجلة" الطليعة " التي كانت تمثل التيار القومي العربي هناك في ذلك الوقت .. كنت اقوم أحياناً بدور المحرر والمخرج الفني والرسام والمصمم في آن واحد .. وبدأت بنشر لوحة واحدة .. ثم لوحتين ..وهكذا .. وكانت الاستجابة طيبة .. شعرت أن جسراً يتكون بيني وبين الناس ، وبدأت أرسم كالمحموم ، حتى تمنيت أن أتحول إلى أحد آلهة الهند القدامى .. بعشرين يداً .. وبكل يد ريشة ترسم وتحكي ما بالقلب .. عملت بصحف يومية بالإضافة إلى عملي ، ونشرت في أماكن متفرقة من العالم . ،، كنت أعمل في الكويت حين صدرت جريدة" السفير " في بيروت . ولقد اتصل بي طلال سلمان وطلب مني أن أعود إلى لبنان لكي أعمل فيها . وشعرت أن في الامر خلاصاً ، فعدت ولكني تألمت وتوجعت نفسي مما رأيت ، فقد شعرت أن مخيم عين الحلوة كان أكثر ثورية قبل الثورة ، كانت تتوفر له رؤية أوضح سياسياً ، يعرف بالتحديد من عدوه وصديقه ، كان هدفه محدداً فلسطين ، كامل التراب الفلسطيني .
لما عدت ، كان المخيم غابة سلاح ، صحيح ، ولكنه يفتقد إلى الوضوح السياسي، وجدته أصبح قبائل ، وجدت الأنظمة غزته ودولارات النفط لوثت بعض شبابه ، كان هذا المخيم رحماً يتشكل داخله مناضلون حقيقيون ، ولكن كانت المحاولات لوقف هذه العملية . وأنا اشير بإصبع الاتهام لأكثر من طرف ، صحيح أن هناك تفاوت بين الخيانة والتقصير ، ولكني لا أعفي أحداً من المسؤولية ، الأنظمة العربية جنت علينا ، وكذلك الثورة الفلسطينية نفسها .
وهذا الوضع الذي اشير إليه يفسر كثيراً مما حدث أثناء غزو لبنان .
هذا موضوع قديم لي حبيت انشره كاول مشاركة لي هنا ويمكن السبب ارتباط حياة الرسام ناجي الحلالي باحداث مشابه لما يحدث هذه الايام رحله موفقه مع ناجي
عندما تتسبب ريشة الفنان بتهجيره ثم اغتياله ، وعندما يأتي الغضب على دولة لوجود صاحب الريشة عندما يتغرب الفنان مرتين ليجعل ريشته حره ..حينها يتأكد صحة مقولة بعض الفنانين أن " الفن رساله"
كان رسام الكاركتير الفلسطيني ناجي العلي موعود مع التغريب كثيرا! تغرب عن وطنه ليسكن في مخيم عين الحلوه ثم تغرب عن مخيمه ليجعل ريشته حره في الكويت ، انتقل تغريب ريشته للندن وضحى بغربة الروح لأجل بقاء ريشة الوطن حرة وأبيه....
هو ناجي سليم حسين العلي ، ، من مواليد قرية الشجرة عام 1936 وهي قرية تقع بين الناصرة و طبريا في الجليل الشمالي من فلسطين . شرد من فلسطين عام 1948 ، نزح وعائلته مع أهل القرية باتجاه لبنان ( بنت جبيل) وهو من أسرة فقيرة تعمل في الزراعة والأرض ، لجأ إلى مخيم عين الحلوة شرق مدينة صيدا حيث سكن وعائلته بالقرب من بستان أبو جميل قرب الجميزة منطقة " عرب الغوير" . وكانت حياة ناجي العلي في المخيم عبارة عن عيش يومي في الذل. فأحدث ذلك صحوة فكرية مبكرة لديه، عرف انه وشعبه ، كانا ضحايا مؤامرة دنيئة دبرتها بريطانيا وفرنسا ، بالتحالف والتنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية . درس ناجي العلي في مدرسة " اتحاد الكنائس المسيحية " حتى حصوله على شهادة " السرتفيكا" اللبنانية ، ولما تعذر عليه متابعة الدراسة ، اتجه للعمل في البساتين وعمل في قطف الحمضيات والزيتون ، لكن بعد مدة ، ذهب إلى طرابلس – القبة ومعه صديقة محمد نصر شقيق زوجته (لاحقاً )ليتعلم صنعة في المدرسة المهنية التابعة للرهبان البيض . تعلم سنتين هناك ، ثم غادر بعد ذلك إلى بيروت حيث عمل في ورش صناعية عدة ، 1957 سافر إلى السعودية بعدما حصل على دبلوم الميكانيكا وأقام فيها سنتين ، كان يشتغل ويرسم أثناء أوقات فراغه ، ثم عاد بعد ذلك إلى لبنان . 1959 حاول أن ينتمي إلى حركة القوميين العرب ، لأنه وخلال سنة واحدة ، أبعد أربع مرات عن التنظيم ، بسبب عدم انضباطه في العمل الحزبي . وفي عام1960 - 1961 أصدر نشرة سياسية بخط اليد مع بعض رفاقه في حركة القوميين العرب تدعى " الصرخة " . كما أنه في عام 1960م دخل الأكاديمية اللبنانية للرسم ( أليكسي بطرس) لمدة سنة ، إلا أنه ونتيجة ملاحقته من قبل الشرطة اللبنانية ، لم يداوم إلا شهراً أو نحو ذلك ، وما تبقى من العام الدراسي أمضاه في ضيافة سجون الثكنات اللبنانية ، حيث ( .. أصبح متواجدا دائماً في معظم السجون ، تارة يضعونه في سجن المخيم ، وأخرى ينقلونه إلى السجن الأثري في المدينة القريبة (سجن القلعة في صيدا – القشلة ) ، وإ.ذا ما ضخموا له التهمة ـ فإنهم كانوا ينقلونه إلى سجن العاصمة أو المناطق الأخرى - . بعد ذلك ، ذهب إلى مدينة صور ودرس الرسم في الكلية الجعفرية لمدة ثلاث سنوات .
وفي عام 1963م سافر إلى الكويت وعمل في مجلة الطليعة الكويتية رساماً ومخرجاً ومحرراً صحافياً ، وكان هدفه أن يجمع المال ليدرس الفن في القاهرة أو في إيطاليا . ومن عام 1968م عمل في جريدة السياسة الكويتية لغاية العام 1975 . مع بداية العام 1974 عمل في جريدة السفير ، وقد استمر فيها حتى العام 1983 . هذا وقد انتخب رئيس رابطة الكاريكاتيرالعرب في عام 1979م ومن عام 1983م عمل في جريدة القبس الكويتية وبقي فيها حتى أكتوبر 1985 . وبعد العديد من الضغوطات على الكويت نتيجة لرسوماته ، ترك الكويت وتوجه إلى لندن حيث عمل في" القبس" الدولية وذلك عام 1985 م
شاركت رسوم ناجي العلي في عشرات المعارض العربية والدولية . و أصدر ثلاثة كتب في الأعوام (1976 ، 1983 ، 1985) ضمت مجموعة من رسوماته المختارة . كان يتهيأ لإصدار كتاب رابع لكن رصاص المغتالين لم يمهله ولم يتم العمل. حصلت أعماله على الجوائز الأولى في معرضي الكاريكاتير للفنانين العرب أقيما في دمشق في سنتي 1979 1980 م . عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين . نشر ا:ثر من 40 ألف لوحة كاريكاتورية طيلة حياته الفنية ، عدا عن المحظورات التي مازالت حبيسة الأدراج ، ماكان يسبب له تعباً حقيقياً . اختارته صحيفة "اساهي " اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم . اغتيل في لندن يوم 22 / 7 / 1987 وتوفي 29/ 8/ 1987 م . وبعد وفاته ، أقيم مركز ثقافي في بيروت أطلق عليه اسم " مركز ناجي العلي الثقافي" تخليداً لذكراه ، كما حملت اسم الفنان مسابقة الرسم الكاريكاتوري أجرتها جريدة " السفير" . 8/ 2/ 1988 وصف الاتحاد الدولي لناشري الصحف في باريس ناجي العلي ، بأنه واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر ، ومنحه جائزة " قلم الحرية الذهبي" وسلمت الجائزة في إيطاليا إلى زوجته وابنه خالد ، علماً بأن ناجي العلي هو أول صحافي ورسام عربي ينال هذه الجائزة .
(( ناجي والكاركتير)) في تجربة ناجي، وفي منظوره الإبداعي، الكاريكاتير هو أحسن أداة للتوصيل. فهي البداية كان طموح ناجي يتجه نحو عالم الفن التشكيلي باعتباره أفضل وسيلة للتعبير، بيد أنه ما لبث أن اكتشف أن وسيلته المثلى للتخاطب مع الجماهير هو فن الكاريكاتير، تلك الجماهير التي أذاقتها وإياه الصهيونية الاستيطانية عذاب الهجرة، ومرارة الإجلاء عن تربة الأجداد، وعانت من مأساة التأخر والغرب الإمبريالي المتضافرين معا ضد كل ما يمت بصلة إلى مستقبل الأمة. كانت التجربة مرتبطة بمعايشة شعب وقضية، وبمقدار ما شب الفنان بمقدار ما اتضح مجرى المستقبل. استمر يبني تجربته في تخصص وتركيز، في بحث جاد عن وسائله المتلائمة مع ما يحمله من ميولات كامنة. لكن كيف عرفت أولى محاولاته النور ؟ يقول:" استمرت محاولاتي باتجاه الرسم للتعبير عن المأساة إلى أن صادفني مرة الشهيد غسان كنفاني في إحدى سهرات المخيم ورأى بعض إنتاجي فدهش له وأخذ منه بعض النماذج، بعد فترة قصيرة فوجئت بنشرها، هذا الأمر شكل عندي حافزا للمواظبة على تنمية هذه الموهبة. دفعني بعض الأصدقاء للدراسة في الجامعة ولم أكمل سنة واحدة إلى أن سنحت لي الفرصة بالمجيء للعيش والعمل بمجلة "الطليعة" الكويتية التي كانت بمثابة نقطة انطلاق نحو رسم الكاريكاتير" يحدد ناجي للكاريكاتير وظيفة تحريضية وتبشيرية: تحريضية على مجريات الاستيطان ورموزه الصهيونية وعلى ظاهرة العبث الإمبريالي، ذي الطبيعة الإجرامية، بمصير أمة بأسرها. وتبشيرية ضاربة على وتر المستقبل وزارعة لبذور الأمل، وبإمكانية الذات العربية على صنع الانتصار على ذاتها ثم على أعدائها التاريخيين. ومن خلال ثنائية قائمة على التحريض والتبشير يربط ناجي علاقة متميزة مع القارئ، علاقة مناطها النقد والتعرية، علاقة تجهل طقوس الاحتشام والمجاملة وغيرها من ضروب النفاق التي لا تنفع في فلسطين وعالم عروبة تطوقهما خنادق الشرور من كل جانب، هذه العلاقة تحدد المهمة: مهمة النقد والفضح بدون أصباغ، فينتزع ناجي، حينئذ، بصر العربي من الفراغ أو الضياع ليركزه على قيوده المتسمة بالكثرة والقسوة.
حين يرسم في ظل هذه المبادئ طيلة ثلاثين سنة، فإنه كان قد انطلق من قضية محددة هي قضية فلسطين بالذات، غير أنه، وفي خضم ترعرع مساره الغني بحق، ما لبثت فلسطين في وجدانه وفي عقله وفي تعبيراته الإبداعية أن امتدت وترامت إلى أن استوت وانبسطت رقعة واحدة من المحيط إلى الخليج يقول ناجي " مهمة الكاريكاتير تعرية الحياة بكل ما تعني الكلمة.. الكاريكاتير ينشر الحياة دائما على الحبال وفي الهواء الطلق، وفي الشوارع العامة... إنه يقبض على الحياة أينما وجدها لينقلها إلى أسطح الدنيا حيث لا مجال لترميم فجواتها ولا مجال "لتستير عورتها" ". ويضيف " من يطلب النكتة في العالم العربي فعليه ألا ينظر إلى الكاريكاتير بل إلى الواقع السياسي العربي استعمل ناجي منظومة خاصة من الشخوص والرموز، وقد كانت نابعة في العمق من معاناة شعبه وأمته ومتأثرة بفكره السياسي، فناجي يستعمل الحمامة كرمز، وإذا كان من المتعارف عليه أن الحمامة رمز للسلام، فإن ناجي-نظرا لتشكل قناعة أخرى لديه- يقلب هذا المعنى لأن مقولة السلام صارت مقولة ملغومة ومربية، ولذلك تنقلب الحمامة من رمز للسلام، عنده ، إلى غراب قاتم ينذر بالشؤم، ويقول"فالعالم أحب السلام وغصن الزيتون، لكن هذا العالم تجاهل حقنا في فلسطين. لقد كان ضمير العالم ميتا، والسلام الذي يطالبنا به هو على حسابنا، لذا وصلت بي القناعة إلى عدم شعوري ببراءة الحمامة" وفي تقدير ناجي فإن أي فنان يمكن أن يبني رموزه الخاصة بعالمه، وليس شرطا أن يقتفي آثار غيره رموزا وشخوصا ولذلك نجده يستعمل نسقا من الرموز الخاصة مثل غصن الحبق والزهر والفراشة والحجر، والبحر... حنظلة/ الطفل، ذلك الذي يريد ظهره دائما، الممزق الثياب، الحافي القدمين، الطفل الذي يلوي يديه خلف ظهره... إنه "شاهد العصر أو شاهد العصر الذي لا يموت"، شاهد على أفعال القوى المتكلسة المناهضة للتغيير والسائرة في موكب الاستسلام، الشاهد على عصر الانحطاط المتخثر في عالم العرب، الشاهد على جرائم الصهيونية: سرطان الأمة، وعلى الإمبريالية الأمريكية: سرطان العصر؛ الشاهد على عصر يتم فيه احتواء الأرض والإنسان وعلى غزو العقل والتربة –الشاهد على الموت بالجملة والموت بالتقسيط، على الذين يموتون فداء للوطن والكرامة بلا أكفان وبلا مراسيم، وعلى الذين يسقطون بالرصاص الحاقد على الأرصفة الغريبة، على الذين يموتون جوعا، وعلى أطفال يموتون في أجواء الحصار وباء وعطشا، وأيضا على الذين يموتون كمدا وحسرة لأنهم لا يملكون سلطة ولا قدرة على إيقاف ما يجري من موت ودمار، وعلى ما يحدث كل يوم من أفعال عمياء خارجة عن نطاق العقل والضمير والقيم الحضارية التي شيدها الناس منذ بدء الحياة البشرية إلى عصر الانحطاط العربي...حنظلة هذا هو الذي أحبته واحتضنته قلوب الملايين هو الرمز وهو الحقيقة في آن، هو الرمز المشبع بدلالة ما يعيشه الإنسان العربي المقهور، وبما يشير إليه من براءة وصدق وسذاجة الطفولة العربية التي تحاك حولها أفظع المؤامرات من خارج ومن داخل، وعلى الأرض العربية الرازحة تحت الاحتلال، وهو في نفس الوقت رمز إلى صنع الزمن الآتي الذي ستقبض عليه أيادي الأجيال القادمة انطلاقا من فعل حنظلة وأقرانه. حنظلة أيضا هو حقيقة الكائن البشري في هذه الرقعة العربية، الكائن الطفولي الذي تسلسله قيود الفقر والجوع والحفاء والعراء، وأصناف الأوبئة، وفواجع الحرمان من الأبوة والأخوة والخؤولة... والأمومة في أحيان عديدة... حقيقة طفل لا حق له في منزل يقيه قيظ المصيف وصقيع المشتاة، بل هو طفل محبر بفعل اخطبوطات شتى على العيش مهجرا في الخيام في أحياء بلا مجارير وبلا حدائق، بلا واجهات زجاجية، تاركا في الجوار جنة الكرم والزيتون وحبات البرتقال الذهبية... يعيش خلل الخيام –الزنازن تلك التي يغمرها رعب الدبابات الإسرائيلية والحصارات الطائفية... أما أرض الآباء والأجداد فتظل هناك فريسة لهمجية العصر تدك الهوية وتسحق الإنسانلماذا كانت لشخصية حنظلة كل هذه المواصفات الخصبة، والسر في هذه التسميه هو اشتقاقها من الحنظل!
((شخصيات الكاريكاتير)) 1- حنظله
يقول ناجي العلي عن الطفل حنظلة :
" ولد حنظلة في العاشرة من عمره، و سيظل دائماً في العاشرة ، ففي تلك السن غادرتُ الوطن، وحين يعود، حنظلة سيكون بعد في العاشرة، ثم سيأخذ في الكبر بعد ذلك ... قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه، إنه استثناء لأن فقدان الوطن استثناء ،.. وستصبح الأمور طبيعيةً حين يعود للوطن ..لقد رسمته خلافاً لبعض الرسامين الذين يقومون برسم أنفسهم ويأخذون موقع البطل في رسوماتهم ... فالطفل يُمثل موقفاً رمزياً ليس بالنسبة لي فقط ... بل بالنسبة لحالة جماعية تعيش مثلي وأعيش مثلها. .. قدمته للقراء واسميته حنظلة كرمز للمرارة، في البداية قدمته كطفل فلسطيني لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفق قومي ثم أفق كوني إنساني. "
2- فاطمة
3- الرجل الطيب
"هو بلا اسم ثابت محدد ، فمرة يدعى العم عباس ومرة أبو حسين ومرة أبو إلياس ومرة أبو جاسم ومرة أبو حمد ومرة مارون ومرة محمد ... إلخ ..."
4- الرجل المتكرش
اغتيال ناجي العلي تبدأ قصة اغتياله ظهر يوم 22 يوليو 1987 عندما وصل ناجي العلي إلى شارع آيفز حيث يقع مكتب صحيفة " القبس " الدولية وبينما كان متوجهاً إلى مقر الصحيفة اقترب منه شاب مجهول واطلق عليه رصاصة أصابته قرب انفه من مسدس ، سقط بعدها ناجي على الأرض فيما فر الجاني ، الذي فتح صفحة جديدة في تاريخ الإغتيالات العربية ، حيث كان ناجي أول فنان رسام كاريكاتير يقتل في أجل خطوط بسيطة بالأبيض والأسود ، معبراً فيها عن قضيته ومأساة شعبه الفلسطيني ، وقد كان وصية ناجي الخاصة دفنه إلى جانب والديه في مخيم " عين الحلوة " في صيدا حيث نشأ وترعرع فيها .
قالوا بعد اغتيال ناجي 1- أحمد مطر
رثى أحمد مطر صديقه بقصيدتين رائعتين جدا أوردها الان
ما أصعب الكلام
شكراً على التأبين والإطراء يا معشر الخطباء والشعراء شكراً على ما ضاع من أوقاتكم في غمرة التدبيج والإنشاء وعلى مداد كان يكفي بعضه أن يغرق الظلماء بالظلماء وعلى دموع لو جرت في البيد لانحلت وسار الماء فوق الماء وعواطف يغدوا على أعتابها مجنون ليلى أعقل العقلاء وشجاعة باسم القتيل مشيرة للقاتلين بغير ما أسماء شكراً لكم؛ شكراً؛ وعفواً إن أنا أقلعت عن صوتي وعن إصغائي عفواً؛ فلا الطاووس في جلدي ولا تعلو لساني لهجة الببغاء عفواً؛ فلا تروي أساي قصيدة إن لم تكن مكتوبة بدمائي عفواً؛ فإني إن رثيت فإنما أرثي بفاتحة الكتاب رثائي عفواً؛ فإني ميت يا أيها الموتى؛ وناجي آخر الأحياء ** ناجي العلي لقد نجوت بقدرة من عارنا،وعلوت للعلياء إصعد؛ فموطنك السماء؛ وخلنا في الأرض إن الأرض للجبناء للموثقين على الرباط رباطنا والصانعين النصر في صنعاء ممن يرصون الصكوك بزحفهم ويناضلون براية بيضاء ويسافحون قضية من صلبهم ويصافحون عداوة الأعداء ويخلفون هزيمة؛ لم يعترف أحد بها، من كثرة الآباء اصعد فموطنك المرجى مخفر متعدد اللهجات والأزياء للشرطة الخصيان؛ أو للشرطة الثوار؛ أو للشرطة الأدباء أهل الكروش القابضين على القروش من العروش لقتل كل فدائي الهاربين من الخنادق والبنادق للفنادق في حمى العملاء القافزين من اليسار إلى اليمين إلى اليسار إلى اليمين كقفزة الحرباء المعلنين من القصور قصورنا واللاقطين عطية اللقطاء اصعد؛ فهذي الأرض بيت دعارة فيها البقاء معلق ببغاء من لم يمت بالسيف مات بطلقة من عاش فينا عيشة الشرفاء ماذا يضيرك أن تفارق أمة ليست سوى خطأ من الأخطاء رمل تداخل بعضه في بعضه حتى غدا كالصخرة الصماء لا الريح ترفعها إلى الأعلى ولا النيران تمنعها من الإغفاء فمدامع تبكيك لو هي أدركت لبكت على حدقاتها العمياء ومطابع ترثيك لو هي أنصفت لرثت صحافة أهلها الأجراء تلك التي فتحت لنعيك صدرها وتفننت بروائع الإنشاء لكنها لم تمتلك شرفاً لكي ترضى بنشر رسومك العذراء ونعتك من قبل الممات؛ وأغلقت باب الرجاء بأوجه القراء وجوامع صلت عليك لو أنها صدقت لقربت الجهاد النائي ولأعلنت باسم الشريعة كفرها بشرائع الأمراء والرؤساء ولساءلتهم : أيهم قد جاء منتخباً لنا بإرادة البسطاء؟ ولسائلتهم: كيف قد بلغوا الغنى وبلادنا تكتظ بالفقراء؟ ولمن يرصون السلاح؛ وحربهم حب؛ وهم في خدمة الأعداء؟ وبأي أرض يحكمون وأرضنا لم يتركوا منها سوى الأسماء؟ وبأي شعب يحكمون، وشعبنا متشعب بالقتل والإقصاء؟ يحيا غريب الدار في أوطانه ومطارداً بمواطن الغرباء لكنما يبقى الكلام محرراً إن دار فوق الألسن الخرساء ويظل إطلاق العويل محللاً ما لم يمس بحرمة الخلفاء ويظل ذكرك بالصحيفة جائزاً مادام وسط مساحة سوداء ويظل رأسك عالياً مادمت فوق النعش محمولاً إلى الغبراء وتظل تحت"الزفت" كل طباعنا مادام هذا النفط في الصحراء ** القاتل المأجور وجه أسود يخفي مئات الأوجه الصفراء هي أوجه أعجازها منها استحت والخزي غطاها على استحياء لمثقف أوراقه رزم الصكوك وحبره فيها دم الشهداء ولكاتب أقلامه مشدودة بحبال صوت جلالة الأمراء ولناقد "بالنقد" يذبح ربه ويبايع الشيطان بالإفتاء ولشاعر يكتظ من عسل النعيم على حساب مرارة البؤساء ويجر عصمته لأبواب الخنا ملفوفة بقصيدة عصماء ولثائر يرنو إلى الحرية الحمراء عبر الليلة الحمراء ويعوم في "عرق" النضال ويحتسي أنخابه في صحة الأشلاء ويكف عن ضغط الزناد مخافة من عجز إصبعه لدى "الإمضاء" ولحاكم إن دق نور الوعي ظلمته؛ شكا من شدة الضوضاء وسعت أساطيل الغزاة بلاده لكنها ضاقت على الآراء ونفاك وهو مخمن على الردى بك محدق فالنفي كالإفناء الكل مشترك بقتلك؛ إنما نابت يد الجاني عن الشركاء ** ناجي، تحجرت الدموع بمحجري وحشا نزيف النار لي أحشائي لما هويت متحد الهوى وهويت فيك موزع الأهواء لم ابك؛ لم أصمت؛ ولم أنهض ولم أرقد؛ وكلي تاه في أجزائي ففجيعتي بك أنني تحت الثرى روحي؛ ومن فوق الثرى أعضائي أنا يا أنا بك ميت حي ومحترق أعد النار للإطفاء برأت من ذنب الرثاء قريحتي وعصمت شيطاني عن الإيحاء وحلفت ألا أبتديك مودعاً حتى أهيئ موعداً للقاء سأبدل القلم الرقيق بخنجر والأغنيات بطعنة نجلاء وأمد رأس الحاكمين صحيفة لقصائد... سأخطها بحذائي وأضم صوتك بذرة في خافقي وأضمهم في غابة الأصداء وألقن الأطفال أن عروشهم زبد أقيم على أساس الماء وألقن الأطفال أن جيوشهم قطع من الديكور والأضواء وألقن الأطفال أن قصورهم مبنية بجماجم الضعفاء وكنوزهم مسروقة بالعدل واستقلالهم نوع من الإخصاء سأظل أكتب في الهواء هجاءهم وأعيده بعواصف هوجاء وليشتم المتلوثون شتائمي وليستروا عوراتهم بردائي وليطلق المستكبرون كلابهم وليقطعوا عنقي بلا إبطاء لو لم تعد في العمر إلا ساعة لقضيتها بشتيمة الخلفاء ** أنا لست أهجو الحاكمين؛ وإنما أهجو بذكر الحاكمين هجائي أمن التأدب أن أقول لقاتلي عذراً إذا جرحت يديك دمائي؟ أأقول للكلب العقور تأدباً دغدغ بنابك يا أخي أشلائي؟ أأقول للقواد يا صديق؛ أو أدعو البغي بمريم العذراء؟ أأقول للمأبون حين ركوعه حرماً؛ وأمسح ظهره بثنائي أأقول للص الذي يسطو على كينونتي : شكراً على إلغائي؟ الحاكمون هم الكلاب؛ مع اعتذاري فالكلاب حفيظة لوفاء وهم اللصوص القاتلون العاهرون وكلهم عبد بلا استثناء إن لم يكونوا ظالمين فمن ترى ملأ البلاد برهبة وشقاء إن لم يكونوا خائنين فكيف مازالت فلسطين لدى الأعداء عشرون عاماً والبلاد رهينة للمخبرين وحضرة الخبراء عشرون عاماً والشعوب تفيق من غفواتها لتصاب بالإغماء عشرون عاماً والمواطن ماله شغل سوى التصفيق للزعماء عشرون عاماً والمفكر إن حكى وهبت له طاقية الإخفاء عشرون عاماً والسجون مدارس منهاجها التنكيل بالسجناء عشرون عاماً والقضاء منزه إلا من الأغراض والأهواء فالدين معتقل بتهمة كونه متطرفاً يدعوا إلى الضراء والله في كل البلاد مطارد لضلوعه بإثارة الغوغاء عشرون عاماً والنظام هو النظام مع اختلاف اللون والأسماء تمضي به وتعيده دبابة تستبدل العملاء بالعملاء سرقوا حليب صغارنا؛ من أجل من كي يستعيدوا موطن الإسراء؟ هتكوا حياء نسائنا؛ من أجل من كي يستعيدوا موطن الإسراء؟ خنقوا بحرياتهم أنفاسنا كي يستعيدوا موطن الإسراء؟ وصلوا بوحدتهم إلى تجزيئنا كي يستعيدوا موطن الإسراء؟
-------------------------------------
كيف تتعلم النضال في خمسة أيام
تريـدُ أن تمارس النضـالْ ؟ ْتعــال. قُـل: إنني ناجـي العلـي. والويــلُ لي إن لـم أضَــعْ أصابعـي العشـرَ بعَيـني قاتلـي. والويــلُ لي إن لم أُحاسبْــهُ على ما ضـاعَ من مستقبلي. والويــــلُ لي إن لم أعلِّقْــهُ على مشنقةِ الأجيـالْ! إنّي أنا مختـرعُ الحِجــارهْ ومُنقِــذُ الثـورةِ من مخالبِ التّجـارهْ إّني أنا مُخيّـم العِفّــةِ يا فنـادِقَ الدّعـارهْ ! فالويـلُ لي والويـلُ لي إنْ لم أكن " حنظلـةً " في لـوزةِ المحتالْ. والويـلُ لي إن بعـتُ قامـتي أنا بقامـةِ التّمثـالْ ! قُـل: إنني ناجـي العلـي . قُلها فليستْ كِلْمـةٍ كغيرها تُقـالْ. بل عبْـوةٌ ناسفـةٌ تُزلـزلُ الجِبـالْ وغيمَـةٌ نازِفـةٌ في دَمِهـا يُطفـىءُ حَـرّهُ النّـدى وتُزهِـرُ الرّمـالْ. قُلها تكُــنْ مناضِـلاً .. هـذا هو النضال -------------------------------- ----------------------------------- ------------------------------------- 2- نزار قباني
الغاضبون يا تلاميذَ غزَّةٍ... علّمونا.. بعضَ ما عندكمْ فنحنُ نسينَا... علّمونا.. بأن نكونَ رجالاً فلدينا الرجالُ.. صاروا عجينا.. علِّمونا كيفَ الحجارةُ تغدو بينَ أيدي الأطفالِ، ماساً ثمينَا.. كيفَ تغدو درَّاجةُ الطفلِ، لُغماً وشريطُ الحريرِ.. يغدو كمينَا كيفَ مصّاصةُ الحليبِ.. إذا ما اعتقلُوها تحوَّلتْ سكّينا... يا تلاميذَ غزَّةٍ لا تُبَالوا.. بإذاعاتنا.. ولا تسمَعُونا.. إضربوا.. إضربوا.. بكلِّ قواكمْ واحزموا أمركمْ ولا تسألونا.. نحنُ أهلُ الحسابِ.. والجمعِ.. والطرحِ.. فخوضوا حروبكمْ واتركونا.. إنّنا الهاربونَ من خدمةِ الجيشِ، فهاتوا حبالكمْ واشنقونا... نحنُ موتى... لا يملكونَ ضريحاً ويتامى.. لا يملكونَ عيونا قد لزمنا حجورنا... وطلبنا منكمُ أن تقاتلوا التنّينا قد صغرنا أمامكمْ ألفَ قرنٍ.. وكبرتُمْ -خلالَ شهرٍ- قرونا يا تلاميذَ غزَّةٍ لا تعودوا... لكتاباتنا.. ولا تقرأونا نحنُ آباؤكمْ.. فلا تشبهونا نحنُ أصنامكمْ.. فلا تعبدونا.. نتعاطى القاتَ السياسيَّ.. والقمعَ.. ونبني مقابراً... وسجونا حرِّرونا من عُقدةِ الخوفِ فينا.. واطردوا من رؤوسنا الأفْيونا.. علّمونا.. فنَّ التشبُّثِ بالأرضِ، ولا تتركوا.. المسيحَ حزينا.. يا أحبّاءنا الصغارَ.. سلاماً.. جعلَ اللهُ يومكمْ ياسمينا من شقوقِ الأرضِ الخرابِ طلعتمْ وزرعتمْ جراحنا نسرينا هذهِ ثورةُ الدفاترِ.. والحبرِ.. فكونوا على الشفاهِ لُحونا.. أمطِرونا.. بطولةً، وشموخاً واغسلونا من قُبحنا إغسلونا.. لا تخافوا مُوسى ولا سحرَ موسى واستعدّوا لتقطفوا الزيتونا إن هذا العصرَ اليهوديَّ وهمٌ.. سوف ينهارُ.. لو ملكنا اليقينا.. يا مجانينَ غزَّةٍ ألفُ أهلاً... بالمجانينِ، إن هُم حرّرونا إن عصرَ العقلِ السياسيِّ ولَّى من زمانٍ فعلّمونا الجنونا.. ----------------------------------------- ------------------------------------------- ---------------------------------------------- 3- عبدالرحمن الأبنودي
الموت على الإسفلت
أماية ... وأنتي بترمي بالرّحي .. على مفارق ضحى وحدك وبتعدّدي على كل حاجة حلوة مفقودة ما تنسينيش يا أمة في عدُّودة عدّودة من أقدم خيوط سودا في توب الحزن لا تولولي فيها ولا تهللي .. وحطي فبها اسم واحد مات: كان صاحبي يا أمه .. واسمه: ناجي العلي يا قبر ناجي العلي.. وينك يا قبر يا قبر معجون بشوط مطلي بصبر الموت بقرّب عليك .. يرتد خوف وإذا ما خافشي الموت .. يرتد جبر ................. يا قبر ناجي العلي.. يا دي الضريح كان ميِّتك للأسف وطني صريح تحتك فتى ناضر القلب .. غضّ كان قلبه .. أرض مخيّمات الصفيح الأرض متغربة .. والحلم ملْكْ خريطة شبه الوطن محاصرها سلك واقف وراها شريد عاقد إيديه حنّ الوطن ذلك .. للأرض .. تلك غشيم في حب الوطن .. طبعا غشيم ياللي تحب الوطن .. من الصميم على طريقة العرب في الحب .. عيش وَليْ.. نقي.. متي.. لكن لئيم الأغنية : ناجي العلي في الأغنية هلّ عليْه زي الغزالة البرية ماسك رسمة ........... والرسمة فيها دمع وضحك وأرض مِلك وابن واقف خلف السلك قصاد رسمه ................ والرسمة فيها يهود.. . بحاخام والأنكل سام .. وعرب لطاف عايشين في سلام جوه الرسمه ............. رسم الكفوف زي الصبّار حنظل بمرار صبي قصير واقف محتار قدامه رسمه ............ رسما لا نعرف تتحادق ولا بتنافق نايب ماجي إنُّه عاش صادق عاش للرسمة ............... كان زييّ.. يائس يأس مميت لكن عفريت دخل لأعدائه في البيت شايل اسمه .................. والرسمة ما فيهاش سما وبيوت ولكن لها صوت يا ناجي.. كان لا بد تموت برّه الرسمة .................. قتلت ناجي العلي لما رسم صورة يواجه الحزن فيها براية مكسورة لما فضحني ورسمني صورة طبق الأصل ما عرفشي يكذب ولا يطلع قليل الأصل الناس بترسم بريشة وهوه ريشته نصل فضح رموز الرواية وهيّه عَ المسرح قتلته بأيدي وإيد غيري في آ خر الفصل يا بلادي . . ما تزعجيش نفسك عشان صورة ! أهلي لا أهلك . ولا أهلك ساعات أهلك ما تحكليش ع اللي قتلك .. مش حاخد لك تار ما ملكش غير أحسدك خالص على قتلك قتيل في غربة .. بيفرق عن قتيل الدار يا ماشي للنور.. ومش ماشي على مهلك واحنا خطاوينا يمّ الموت .. تجيب العار أنا الموساد .. والفساد.. قاتل كتير قبلك كمال .. وغسان .. واسأل ماجد أبو شرار وحاموت .. لاشفتك .. ولا حا عرف في يوم قبرك لا حاحُط زهرة عليه ولا حأغرس الصبّار حاولت قتل الجهل طلع الجهل متعلّم وأهه قتلك وحولك وأنت واضح . . سر من الأسرار أمايه . . وأنتي بترمي بالرحى على مفارق ضحى وحدك .. وبتعددّي على كل حاجة حلوة مفقودة ما تنسنيش يا أمّه في عدوُّدة ... عدوّدة . من أقدم خيوط سودا في توب الحزن لا تهّللي فيها ولا تولولي وحطّي فيها اسم واحد .. مات كان صاحبي يا أمه .. واسمه ناجي العلي.. ........................ أطفالك البؤسا . قاموا هناك ورا الشباك بيفتحوا بالضوافر.. فكرة الشباك مين أول اللي رسمهم في الصحف إلاّكَ؟ قلعوا الهدوم القدام .. وطلعوا بهدومك إصحي يا ناجي العلي.. قامت القيامة هناك .................... قامت قيامة ثمانية وأربعين .. غارقة في طريقها ذل السنين العاقر الناشفة إصحى يا ناجي العلي.. أهي صحيت الضفة يقشعروا الأرض .. إصحى جاوب الهزة سنّ القلم من جديد وارسم بنات غزة عزة اللي حضنت سلوكها وعشقت الحزة ما ما تتش .. طب ما أنت مت .... عرفت تتوفى؟!
بعض الكاركتيرات [size=18] [size=16]
وفي الختام أمل ان الموضوع يعجبكم..والمعذرة ع القصور والمعذرة ع الاطالة